ظهر الفساد في البر والبحر..
2006
تفقد الأشياء قيمتها التفسيرية في حالتي التعميم والتخصيص، ويتأرجح حظ الكاتب من النجاح بمدى قدرته على ضبط هاتين الحالتين إلى حالة وسط بين تفريط التعميم وإفراط التخصيص .. لكن حالة " ستار أكاديمي " النسخة الجزا- لبنانية مهما كان تفسيرها النقدي خاصا أم عاما ، ومهما رفض دعاتها ومسوقوها بجميع العبارات المفتوحة والعضلات المفتولة صيغ الجماهير المؤمنة في التعبير عن المعارضة الطبيعية لها تظل معارضتهم هي الحق الذي لا ينبغي خلافه . وسواء كانت المعارضة صرخة أخلاقية من مثقفين ومفكرين جزائريين ، أو خطبة منبرية لإمام من الأئمة ، أو فتوى لهيئة علمية ، أو نقد تخصصي لرجال الإعلام ، أو غير ذلك، فالقيمة التفسيرية ثابتة لقراءاتهم جميعا كل في مجاله، لأن - ببساطة – وضوح الباطل والعبث والتوثين في هذا البرنامج بلغ حدا مقرفا لا ينفع معه ضبط مستوى التعميم والتخصيص.إنه أقذر مما يعرف بعرض الأزياء fashion show " "...
إذا كان البيت اللبناني مرتبا بطريقة طائفية تسمح بتجاوز مستوى العلاقات العامة في صراع خفي يتشكل ببطء لكن باستمرار ، فمن الطبيعي لهذه القوى المتنوعة أن تنفتح – تأكيدا لوجودها – على كل الصيغ السياسية والاقتصادية والإعلامية بما يجعلها تتصدر حركة المجتمع المركب. لكن الجزائر الأمة الواحدة غير المركبة غير الطائفية، ينبغي أن تكون خيارات انفتاحها مستجيبة للمعايير الأخلاقية والأدبية للأمة الجزائرية ذات الجوهر الواحد..وليس مبررا تبني خيارات أقلية منحرفة على غرار ما يحدث في المجتمعات المركبة...
إن وجود مثل هذه البرامج وأخواتها وبناتها والضغط الذي تمارسه سلبيا على عقول الناشئة سوف يجعل المسلمين عرضة لمعارك ثقافية وتأثيرات داخلية قوية تحرك فيهم باستمرار دوافع التمرد والخيانة والحرية المتفلتة .. إن عمل هؤلاء أشبه بعمل " الوسيط الاستعماري " أعني مثل عمل المستشرقين والمنصرين الذين يريدون تعميدنا إيديولوجيا قبل شرع الأبواب للدخول في الاستغراب..والفلسفة الإعلامية هنا تقوم على إخراج الصورة في بلاغة مدروسة تجدف المتلقي إلى الشعور المادي المفتوح بتأثيرات العمل الواقعي المباشر ، وهوية تفاعلية غير معتادة تتيحها التقنية الحديثة أكثر من أي وقت مضى. وهي الوظيفة التي تصادم الكائن البيولوجي في المشاهد، وتضيق عليه باستمرار ، وتدفعه دفعا للانغماس أفقيا دون أدنى فعل نقدي من جانبه ، وبمصطلح الفيزياء يتعرض لأكسدة شديدة نتيجة لضعف " الشبكة البلورية " لديه، واستسهاله الأمر أول مرة....
القضية عندنا بشكل مباشر ليست في هذا البرنامج المثير بقدر ما هي في ردود الأفعال من المنظمات والهيئات والشخصيات والعلماء الذين سكتوا فجأة سكوتا يكاد يكون مشبوها! لقد ظهر الفساد في البر والبحر.. تحضرني هنا قصة لطيفة عن بعض الخلفاء كان قد طلب من بعض أعيان دولته رجلين لتأديب ولده، يكون أحدهما برا في عمله والآخر بحرا في علمه، فجاء بشخصين زعم أنهما على وفق مقترح الخليفة ، فلما اختبرهما لم يجدهما كما وصف، فكتب إلى الآتي بهما : ( ظهر الفساد في البر والبحر... ). وتعقيبا على القصة نقول: إن أخشى ما نخشاه هو أن يسكت هؤلاء عن استنكار هذه الرايات السود التي ترتفع عالية بالقرب منهم....
مسوقو هذا البرنامج يقولون إن هناك جمهورا واسعا يتفاعل معه ويدعمه ، وبالتالي فهو لا ينطلق من فراغ ؛ بل يلبي ذوقا متناميا داخل المجتمع الجزائري. ومن الضروري أن نحترم أذواق هؤلاء ! أضف إلى ذلك أن هذا البرنامج لا يساوي شيئا قياسا إلى برامج أخرى بقنوات الفن والسينما والغناء والتي تعدد خطرها وتعهر خطها.. وعليه فأصل المسألة هو مجرد اختلاف وجهات نظر ورؤية كل فريق لطبيعة المادة الإعلامية التي تستهويه، بغض النظر عن تشكيلات الصورة الفنية المبرمجة عند عموم المجتمع . فالبرنامج الناجح لا يحتاج إلى توظيف كما بالملايين، بل بضعة ألاف من المتلقين تشكل خدمة جيدة لاستمراره وتطوره، وطبعا دون أن يشكل وجوده سلباً واستغلالا للمتلقي الآخر الذي يأباه، ودون خروج عن الأنماط المجتمعية السائدة.. وأبعد من ذلك أن المجتمع الجزائري " لا فني " بمعيار الفن الحديث ، وسلوكه مزاجي، متغير، ألجأته الظروف الصعبة إلى التمسك ببقية موروثة يقل فيها التجديد..
2006
تفقد الأشياء قيمتها التفسيرية في حالتي التعميم والتخصيص، ويتأرجح حظ الكاتب من النجاح بمدى قدرته على ضبط هاتين الحالتين إلى حالة وسط بين تفريط التعميم وإفراط التخصيص .. لكن حالة " ستار أكاديمي " النسخة الجزا- لبنانية مهما كان تفسيرها النقدي خاصا أم عاما ، ومهما رفض دعاتها ومسوقوها بجميع العبارات المفتوحة والعضلات المفتولة صيغ الجماهير المؤمنة في التعبير عن المعارضة الطبيعية لها تظل معارضتهم هي الحق الذي لا ينبغي خلافه . وسواء كانت المعارضة صرخة أخلاقية من مثقفين ومفكرين جزائريين ، أو خطبة منبرية لإمام من الأئمة ، أو فتوى لهيئة علمية ، أو نقد تخصصي لرجال الإعلام ، أو غير ذلك، فالقيمة التفسيرية ثابتة لقراءاتهم جميعا كل في مجاله، لأن - ببساطة – وضوح الباطل والعبث والتوثين في هذا البرنامج بلغ حدا مقرفا لا ينفع معه ضبط مستوى التعميم والتخصيص.إنه أقذر مما يعرف بعرض الأزياء fashion show " "...
إذا كان البيت اللبناني مرتبا بطريقة طائفية تسمح بتجاوز مستوى العلاقات العامة في صراع خفي يتشكل ببطء لكن باستمرار ، فمن الطبيعي لهذه القوى المتنوعة أن تنفتح – تأكيدا لوجودها – على كل الصيغ السياسية والاقتصادية والإعلامية بما يجعلها تتصدر حركة المجتمع المركب. لكن الجزائر الأمة الواحدة غير المركبة غير الطائفية، ينبغي أن تكون خيارات انفتاحها مستجيبة للمعايير الأخلاقية والأدبية للأمة الجزائرية ذات الجوهر الواحد..وليس مبررا تبني خيارات أقلية منحرفة على غرار ما يحدث في المجتمعات المركبة...
إن وجود مثل هذه البرامج وأخواتها وبناتها والضغط الذي تمارسه سلبيا على عقول الناشئة سوف يجعل المسلمين عرضة لمعارك ثقافية وتأثيرات داخلية قوية تحرك فيهم باستمرار دوافع التمرد والخيانة والحرية المتفلتة .. إن عمل هؤلاء أشبه بعمل " الوسيط الاستعماري " أعني مثل عمل المستشرقين والمنصرين الذين يريدون تعميدنا إيديولوجيا قبل شرع الأبواب للدخول في الاستغراب..والفلسفة الإعلامية هنا تقوم على إخراج الصورة في بلاغة مدروسة تجدف المتلقي إلى الشعور المادي المفتوح بتأثيرات العمل الواقعي المباشر ، وهوية تفاعلية غير معتادة تتيحها التقنية الحديثة أكثر من أي وقت مضى. وهي الوظيفة التي تصادم الكائن البيولوجي في المشاهد، وتضيق عليه باستمرار ، وتدفعه دفعا للانغماس أفقيا دون أدنى فعل نقدي من جانبه ، وبمصطلح الفيزياء يتعرض لأكسدة شديدة نتيجة لضعف " الشبكة البلورية " لديه، واستسهاله الأمر أول مرة....
القضية عندنا بشكل مباشر ليست في هذا البرنامج المثير بقدر ما هي في ردود الأفعال من المنظمات والهيئات والشخصيات والعلماء الذين سكتوا فجأة سكوتا يكاد يكون مشبوها! لقد ظهر الفساد في البر والبحر.. تحضرني هنا قصة لطيفة عن بعض الخلفاء كان قد طلب من بعض أعيان دولته رجلين لتأديب ولده، يكون أحدهما برا في عمله والآخر بحرا في علمه، فجاء بشخصين زعم أنهما على وفق مقترح الخليفة ، فلما اختبرهما لم يجدهما كما وصف، فكتب إلى الآتي بهما : ( ظهر الفساد في البر والبحر... ). وتعقيبا على القصة نقول: إن أخشى ما نخشاه هو أن يسكت هؤلاء عن استنكار هذه الرايات السود التي ترتفع عالية بالقرب منهم....
مسوقو هذا البرنامج يقولون إن هناك جمهورا واسعا يتفاعل معه ويدعمه ، وبالتالي فهو لا ينطلق من فراغ ؛ بل يلبي ذوقا متناميا داخل المجتمع الجزائري. ومن الضروري أن نحترم أذواق هؤلاء ! أضف إلى ذلك أن هذا البرنامج لا يساوي شيئا قياسا إلى برامج أخرى بقنوات الفن والسينما والغناء والتي تعدد خطرها وتعهر خطها.. وعليه فأصل المسألة هو مجرد اختلاف وجهات نظر ورؤية كل فريق لطبيعة المادة الإعلامية التي تستهويه، بغض النظر عن تشكيلات الصورة الفنية المبرمجة عند عموم المجتمع . فالبرنامج الناجح لا يحتاج إلى توظيف كما بالملايين، بل بضعة ألاف من المتلقين تشكل خدمة جيدة لاستمراره وتطوره، وطبعا دون أن يشكل وجوده سلباً واستغلالا للمتلقي الآخر الذي يأباه، ودون خروج عن الأنماط المجتمعية السائدة.. وأبعد من ذلك أن المجتمع الجزائري " لا فني " بمعيار الفن الحديث ، وسلوكه مزاجي، متغير، ألجأته الظروف الصعبة إلى التمسك ببقية موروثة يقل فيها التجديد..
الخميس نوفمبر 13, 2014 11:34 am من طرف wejdane
» الفرض الثاني للسنة الأولى2012/2013
الإثنين مارس 04, 2013 8:08 am من طرف كنيـــش
» الاختبار الثاني 2012/2013
الإثنين مارس 04, 2013 8:03 am من طرف كنيـــش
» العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم
الخميس فبراير 28, 2013 5:01 am من طرف عمرون نسيمة
» العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم المعدلة
الخميس فبراير 28, 2013 4:51 am من طرف عمرون نسيمة
» امتحان البكالوريا التجريبي2010/2011
الجمعة نوفمبر 02, 2012 8:00 am من طرف dyhia
» مذكرات السنة الثالثة للاستاذ حدار حسين 3
الأربعاء أكتوبر 17, 2012 1:49 pm من طرف DRIF ANIA
» الاجابة النموذجية للاختبار التجريبي ماي 2012
الجمعة مايو 04, 2012 2:46 am من طرف كنيـــش
» الاختبار التجريبي دورة ماي 2012 بي دي أف
الخميس مايو 03, 2012 9:26 am من طرف كنيـــش